اكتشاف النفط في السعودية.. قصة اليوم الاستثنائي الذي غير وجه المملكة قبل 90 عاماً

اكتشاف النفط في السعودية، لقد كان يوم الـ 29 من شهر مايو من العام 1933 يوميا استثنائياً بالنسبة لسكان المملكة العربية السعودية حيث شهد هذا اليوم توقيع الملك عبد العزيز آل سعود توقيع أول اتفاقية امتياز مع شركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا للتنقيب عن النفط في المملكة لكن أكثر المتفائلين في هذا التوقيع في المملكة آنذاك لم يكن يعلم أنّ هذا التوقيع سيغير وجه المملكة ومنطقة الخليج بالتحديد بمقدار 180 درجة لكن هذا ما حدث بالفعل بعد سنوات قليلة فقط من توقيع هذه الاتفاقية حتى أصبحت المملكة اليوم رقما اقتصاديا صعبا على الساحة الإقليمية والدولية بسبب ثروتها الهائلة من هذا السائل والذي أُطلق عليه فيما بعد اسم الذهب الأسود.

اكتشاف النفط في السعودية.. كيف بدأت القصة:

بدات قصة اكتشاف النفط في السعودية في عشرينات القرن الماضي حين تم اكتشاف آبار للنفط في مملكة البحرين المجاورة حدوديا للمملكة ليقوم على إثر ذلك الملك عبد العزيز آل سعود بالتواصل والتنسيق مع شركات بريطانيا وأميركية لتقديم امتياز التنقيب عن النفط في السعودية وهو ما كان عام 1933 حينما تم توقيع أول اتفاقية للتنقيب عن النفط مع شركة سوكال الأميركية.  وقامت الشركة الأميركية بالاعتماد على البدو من سكان المملكة لإرشادها حول الأماكن المحتملة لتواجد النفط ليتم على أثر ذلك حفر أول بئر نفط في العام 1935 في منطقة الظهران شرق المملكة لكن هذه البئر لم تبدأ بإنتاج النفط الا بعد خمس سنوات وتحديداً في العام 1938 في إنتاج أول كميات النفط في المملكة.

في العام ذاته تم حفر العديد من الآبار في المنطقة الشرقية وتحديدا في مدينة الدمام مثل البئر 1 ،وبئر2 وبئر 7 وغيرها من الآبار التي بدأت تنتج آلاف البراميل من النفط الخام، بعد ذلك قام الملك عبد العزيز بزيارة المنطقة وافتتاح خط أنابيب النفط الذي ينقل النفط الخام من مدينة النفط إلى ميناء رأس تنورة بمسافة 69 كيلو متر، ليتم بعدها اكتشاف وحفر الكثير من آبار النفط في السعودية وفي مناطق المملكة المختلفة.

موقع المملكة من خارطة النفط العالمية:

بعد مرور أكثر من 90 عاماً على اكتشاف النفط في السعودية باتت المملكة اليوم من أكبر الدول التي تمتلك احتياطات نفطية حيث تحتل المركز الثاني كأكبر ثاني دولة في العالم تمتلك احتياطات نفطية بمقدار 268 مليار برميل وبنسبة 17 % من احتياطي النفط العالمي، كما تقع  المملكة العربية السعودية في المركز الثاني في قائمة الدول المنتجة والمصدرة للنفط حيث يتم إنتاج 12 مليون برميل نفط يوميا وتصدير أكثر من 9 مليون منها إلى السوق العالمية. وأفادت تقرير شبكة سي ان بي سي الاقتصادية أن المملكة العربية السعودية حلت في قائمة الدول العربية المصدرة للنفط في عام 2023 حيث قامت بإنتاج 3 مليار و506 مليون برميل نفط تم تصدير مليارين و431 مليون منها.

ويعطي النفط في السعودية أهمية كبرى للمملكة إقليميا وعالميا حيث يجعلها في قائمة الدول التي تحفظ استقرار سوق الطاقة العالمي بسبب تزويدها للعديد من الأسواق العالمية بملايين البراميل من النفط الخام يوميا ما جعلها تشكل ثقلا استراتيجي وأهمية قصوى للعديد من الأسواق والاقتصادات العالمية الكبرى.

وتسعى الدول الكبرى كالولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي لبناء شراكة فاعلة مع المملكة العربية السعودية من أجل الحفاظ على أسعار الطاقة واستقرار الاقتصاد العالمي الذي يعتمد بشكل أساسي على النفط كمصدر رئيس لتوليد الطاقة في معظم دول العالم.

وزادت أهمية المملكة بالنسبة للغرب وتحديدا للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول العالمية بشكل عام بسبب قدرتها على التحكم بأسعار النفط من خلال خفض وزيادة إنتاج النفط في وقت قياسي وقصير متى ما أرادت ذلك بعكس بقية الدول الكبرى المنتجة للنفط، ويعود ذلك بشكل أساسي إلى امتلاك المملكة للبنية التحتية اللازمة لإنتاج وتصدير النفط وكذا رخص تكاليف استخراج النفط الخام على عكس بقية الدول التي قد يبلغ فيها تكلفة استخراج البرميل الواحد أكثر من 60 دولاراً. حيث لا تتعدى تكلفة إنتاج برميل النفط الواحد في المملكة مبلغ 20 دولارا.

إيرادات النفط في السعودية

على مدى عقود طويلة ظلت الإيرادات النفطية حجر الأساس في تمويل الميزانية العامة للمملكة حيث تشكل الإيرادات النفطية النسبة الأكبر في إيرادات الميزانية العامة للدولة. وتشير إحصائيات صندوق النقد الدولي إلى أنّ الإيرادات النفطية للمملكة بلغت عام 2023 فقط 775 مليار ريال سعودي أي قرابة أكثر من 200 مليار دولار أميركي، وأشار التقرير ذاته إلى أنّ الإيرادات النفطية عام 2023 شكلت نسبة 60% من نسبة الإيرادات العامة للدولة. وتعتبر هذه النسبة صغيرة جدا مقارنة بما كانت عليه في السابق والتي كانت تتجاوز فيه نسبة90% من إجمالي الإيرادت العامة للدولة.

ويعزو صندوق النقد الدولي تراجع نسبة الإيرادات النفطية من إلإجمالي الكلي لإيرادات المملكة إلى الخطة الطموحة لولي العهد الشاب الأمير محمد بن سلمان الذي تبنى خطة تنويع الاقتصاد السعودي والتخلص من تأثير النفط على الموازنة العامة للدولة تدريجيا من أجل الوصول إلى تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030. لكن وعلى الرغم من تقليق نسبة الاعتماد على النفط في السعودية إلاّ أنه لا يمكن إغفال حقيقة واحدة وهي أنّ النفط يمثل العمود الفقري التي ترتكز عليه المملكة منذ أكثر من 9 عقود حيث يعد النفط أس نهضة البلد في كافة المجالات الاقتصادية والإنشائية وكذا المشاريع التطويرية وذلك بسبب الكم الهائل من الأموال المتدفقة من إيرادات النفط إلى خزينة الدولة بشكل مستمر. وللتعبير عن كمية الأموال المتدفقة من إنتاج النفط أشارت البيانات الرسمية أنّ إجمالي الإيرادات النفطية التي حققتها المملكة خلال 15 عاماً وتحديداً خلال الفترة مابين 2010 و2024 بلغت نحو 10.56 تريليون ريال سعودي أي ما يعادل نحو 2.18 دولار أميركي على الرغم من الخطوات الجادة التي قام بها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان منذ 2016 لتقليل الاعتماد على النفط وتحويل اقتصاد المملكة إلى اقتصاد غير نفطي في السنوات القليلة القادمة.

error: هذا المحتوى محمي بواسطة موقع بوابة الخليج